-->

النصوص: موكب الخليفة - الشعر العباسي (أولى أدب)

النصوص: موكب الخليفة - الشعر العباسي (أولى أدب)



التمهيد:

الرصيد المعرفي:
بعد أن تقلد بنو العباس موازين الحكم غيروا من الحياة القديمة التي كانت مع الأمويين ، وهذا التغيير أدى إلى نشوب الصراع بين القديم والجديد، ويمكن أن نجمله في معطيات سياسية، واجتماعية وفكرية.
سياسيا:  ما ميز هذا العصر هو منافسة العناصر الأخرى للعرب في السيادة والحكم وكان لذلك انعكاس وتأثير على مستوى الأدب  حيث لا حظنا أن المدح غير اتجاهه لعناصر غير عربية، ثم ضعف الخلافة بعد قرن من بدايتها وتقسيمها إلى إمارات وظهور كثرة الحركات المتمردة على الخلافة وكل ذلك سيؤدي إلى إنتاج أدب يساير ويترجم هذه الحضارة العربية التي عرفها العصر العباسي.
اجتماعيا:  احتكاك العرب بالفرس  مما سيؤدي إلى التأثير على مستوى المأكل والملبس والمشرب  وحياة الغنى والترف والملذات واللهو مما سيؤدي إلى كثرة الجواري وانتشار الغناء مما نتج عنه مظاهر سلبية كالفواحش والغزل الإباحي وهذا ما نجده عند أبي نواس ... ثم أيضا انتشار مجالس الخمر مما سيؤدي إلى ظهور ما يسمى بفكرة الزندقة التي يمثلها ابن المقفع وبشار بن برد ... ونشوء حركة زهديية تصوفية والتأنق في الفنون الحضارية كإقامة الولائم وتشييد المنازل ونسج الأثواب وطهي الطعام .= وسينعكس ذلك على المستوى الأدبي وسيظهر جليا في شعر البحتري خصوصا.
فكريا: من الناحية الفكرية انه كان عصر انتشار الأفكار الفلسفية اليونانية والحكمة الهندية والآداب الفارسية والفكر التركي . وهذا الانصهار سيؤدي إلى ازدهار فكري لم يعرف له العرب مثيلا من قبل، وسيكون له أثر بالغ على الشعر والشاعر العربيين وعلى الأدب العربي بصفة عامة .
 ـ
  هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي البحتري نسبة إلى جده بحتر.ولد سنة ( 205 ه) وتوفي (284ه) وهو أحد أشهر الشعراء  العرب في العصر العباسي..

ـ نظم البحتري هذه القصيدة حين توجه موكب الخليفة جعفر إلى المسجد لأداء صلاة العيد.

الملاحظة

ـ النص من ديوان البحتري شرح د . يوسف الشيخ محمد، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت، 1987، ص 91.

قراءة في العنوان:
في القصيدة حركتان أساسيتان تمثلان المقدمة الطللية، حيث  يعبر في مقدمته عن معاناته من حب علوة التي أثقل ديلها كاهل الشاعر، وبالغت في ظلمها له، ثم يمضي إلى التعبير عن سعادته بحب الخليفة، لأنه شخص اجتمعت فيه مجموعة من الصفات التي شفت صدر الشاعر من ظلم المحبوبة.
ـ نلاحظ أن الشاعر لم يخرج عن البناء العام للقصيدة الكلاسيكية الجاهلية ، حيث استهل قصيدته بمقدمة غزلية ثم انتقل بعدها إلى الغرض الأساسي  وهو المدح.

الفهم

مضامين النص:
ـ الوحدة الأولى من البيت 1 وقوف الشاعر على الأطلال كعادة الشعراء الجاهليين في تغزلهم وتذكرهم لمحبوباتهم
ـ الوحدة الثانية: من البيت 2 إلى البيت 5، مدح الشاعر للخليفة جعفر
ـ الوحدة الثالثة: من البيت 6 إلى البيت 8 وصف الشاعر  لصيام الخليفة وإفطاره بمناسبة عيد الفطر
ـ الوحدة الرابعة: من البيت 9 إلى البيت 15، وصف الشاعر لموكب الخليفة أثناء عيد الفطر
ـ
الوحدة الخامسة من البيت 16 إلى آخر النص ، وصف الشاعر لموكب الخليفة ولطقوس صلاة العيد عند الخليفة جعفر.

ـ استهل الشاعر قصيدته برصد حالته النفسية غير المرتاحة من جراء المحبوبة وهذا ما دفعه إلى نسيانها وبسرعة، ولم يجد الطمأنينة إلا في الخليفة جعفر، ففي بداية القصيدة يمدحه بأنه نعمة وأهل للخليفة ومدى كرمه وجوده مع دعوته له بالدوام، ثم رصد عظمة الموكب وختم القصيدة برغبة الناس في رؤيته ورؤية طلعته الباهية ونتائج خطبته التي شقت العديد من صدورهم.

 التحليل:

المعجم:  عبر الشاعر عن حبه لمحبوبته وعن حبه للخليفة من خلال حقلين دلاليين:

حقل النسيب : دين علوة، ظلم علوة، يقتضى، يقتصر  

حقل المديح: الخليفة جعفر، أمير المؤمنين، الملك، الخشوع، التواضع، الحكمة، النور، الإفطار بالسنة، صاحب مواعظ، فواضلك، أفضل، أنعم، أظهرت، فاسلم، ضوء وجهك ، تشكر ، عز الملك، ذكروا بطلعتك مشية خاشع، لا يتكبروا.

الصورة الشعرية:
على مستوى بنية الصورة الشعرية نلاحظ أنها صورة تركيبية نابعة من بيئة الشاعر، وتضمن النص ثلاث صور في غرض المدح:
ـ صورة الخليفة: الذي أكرمه الله بالملك في الأرض وأنعمه بها والتي تصدق بها على سائر الناس كما أعطاه البر والغنى والعدل
ـ صورة الموكب: وهو يخرج لأداء الصلاة كأنه يخرج للحرب بجيش وافر، فالخيل تصهر والفرسان تفتخر والسيوف تلمع كما أن الأرض خاشعة والجو مغبر.
ـ صورة الإمام: وهو يلقي الخطبة في صلاة عيد الفطر في خشوع وتواضع وأخلاق مليئة بالحكمة والموعظة
= هذه الصور البلاغية والبيانية يرجع إلى التحول الفكري والثقافي الذي حدث في العصر العباسي
الأساليب:
عمد الشاعر على مستوى البنية الضميرية إلى غياب المحبوبة عن قصد، في المقابل استحضر شخصية الخليفة معنى ذلك أن البنية الضميرية قد عكست من جهة حالة الشاعر النفسية ومن جهة ثانية علاقته بعلوة وهي علاقة توتر وقلق وحيرة .. وعلاقته بالخليفة وهي علاقة حب واستمرار  . أما على مستوى الخبر والإنشاء  نلاحظ هيمنة الجمل الفعلية التي تفيد الحركة والاستمرارية مما يحيل على استمرارية النعم والأخلاق على الممدوح ، كما نجد التنويع في الضمائر ، حيث ضمير المخاطب يحيل إلى توجيه الشاعر الخطاب للممدوح وضمير الغائب الذي يحيل على جو النعم والصلاة والعيد .. كما وظف أسلوب الاستفهام ( الإنشائي الطلبي)، في غرض النسيب على عادة الشعراء في العصر الجاهلي وفي المقدمات الطللية . أما في المدح فقد زاوج فيها بين الأسلوب الخبري والإنشائي ليطلعنا على نعم الخليفة
الإيقاع:
 نظم الشاعر قصيدته على وزن  بحر الكامل التام:   مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ  ست مرات وهو من البحور الأكثر شيوعا في مسار القصيدة العربية وهو بحر يتسم بنوع من الحركية فهو بحر موسيقي يتميز بالكثافة الإيقاعية وخصوصا وأنه يتناسب مع الغرض الأساسي للقصيدة الذي هو المدح  يفهو من البحور التي تتميز بالقوة مما يتلاءم مع غرض المدح الذي هو موضوع القصيدة .
العروض صحيحة ( متفاعلن) والضرب مثلها صحيح (متفاعلن ) .
 كما  اعتمد الشاعر على  قافية المتدارك  لتوالي حركتين بين ساكنيها ( يُقْصَرُو) واختار لها رويا هو (الراء).
أما على مستوى الإيقاع الداخلي، نجد تكرار بعض الألفاظ، مثل: الله، العبد، الملك، النعم وفي الحروف كالراء والطاء ...

الطباق: المقل / المكثر   



التركيب 

اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

0 الرد على "النصوص: موكب الخليفة - الشعر العباسي (أولى أدب)"

إرسال تعليق

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات