منهجية تحليل قصيدة شعرية إحيائية:
منهجية تحليل
قصيدة شعرية إحيائية: ()
1. وضع النص ضمن سياقه
الثقافي والأدبي
يمثل عصر النهضة نقطة
تحول في القصيدة العربية من طور الصنعة والبديع إلى طور البعث والإحياء، حيث اشتدت
الرغبة في العودة إلى الأصول القديمة باعتبارها نماذج تحتذي، ومنطلقا أساسيا
للانعتاق من قيود الركود والجمود. وإذا كان البارودي هو باعث الشعر العربي الحديث
ورائد الشعراء الكلاسيكيين، فإن جماعة من الشعراء والنقاد يعتبرون تلميذه أحمد
شوقي أمير الشعراء بلا مدافع ولا منازع، ويعتبرون أن هذه الإمارة أتته بفعل مجموعة
من الخصائص الشعرية التي ميزت شعره والتي سنحاول إظهار قيمتها وسهمتها في تنشيط
حركة البعث والإحياء وتطوير حركة الشعر العربي الحديث منذ بدايتها الأولى. ولكي
نتمكن من تحقيق هذا الهدف، سنسلط الضوء على هذا النص الشعري الذي يحمل عنوان
" ……. ". وعلى ضوء عنوان النص، وهو عبارة عن
جملة اسمية يحمل دلالة على أن الشاعر يستحضر نموذجا شعريا قديما ……، ومن خلال الشكل الهندسي للنص والبيت الثاني عشر، ومن خلال صاحبه نفترض أن يكون النص قصيدة شعرية عمودية تندرج ضمن شعر
إحياء النموذج سيتحدث …..
. فإلى أي حد استطاع الشاعر تمثيل تيار إحياء النموذج من خلال هذا
النص؟ و إلى أي حد يمثل هذا النص التيار الشعري الذي ينتمي إليه ؟
2. تكثيف المضامين:
تكشف لنا القراءة
الأولية للقصيدة عن الشاعر ….. استهل
قصيدته بمقدمة ….. وصف فيها حالته الوجدانية في معاناته مع ….. ثم انتقل بعد ذلك
إلى موضوع آخر نحا فيه منحا حكيما، حيث تحدث عن ……. وبعد ذلك دخل إلى الغرض
الأساسي وهو م……، واختتم قصيدته ……... وللتأكد
جاءت القصيدة الشعرية في …………... وبذلك يكون
الشاعر قد التزم بقيود الاتجاه الإحيائي على مستوى المضمون.
بانتقالنا للمستوى
المعجمي نسجل أن الشاعر قد ركز على معجم شعري قديم تتوزع ألفاظه للدلالة على ثلاثة
حقول دلالية هي:
·
حقل دال على عواطف الشاعر مثلا(الغزل): ………………….
·
حقل دال على النفس والدنيا (الحكمة): ……………………..
·
حقل دال على المدح: …………………………….
والواضح أن العلاقة
القائمة بين هذه الحقول تكامل وانسجام. لأن ………………
. وبذلك يكون شوقي التزم بعمود الشعر العربي الذي هو جزالة
اللفظ واستقامته.
3. الصور الفنية:
وبمساءلتنا للصورة الشعرية نسجل أن الشاعر استحضر تقنيات
البلاغة القديمة للتعبير عن موقفه. وتأتي في مقدمتها الاستعارة/ التشبيه في
البيت …. " " حيث شبه .
وقد ساهمت هذه الصور
الفنية في إضفاء جمالية على النص، كما أخرجته من الطابع التقريري المباشر إلى
الطابع الإيحائي غير المباشر وبذلك حققت للنص شعريته.
وما يلاحظ
على تلك الصور هو أنها صور شعرية قديمة تتميز بكونها محسوسة. وبهذا يكون الشاعر قد
قام بإحياء النموذج القديم على المستوى التصويري الفني.
4. دراسة الإيقاع:
وبانتقالنا للحديث عن
البنية الإيقاعية في شقها الخارجي، يتبين لنا جليا – بعد التقطيع العروضي للبيت
الأول- أن القصيدة جاءت على إيقاع البحر البسيط مثلا (مستفعلن فاعلن مستفعلن
فاعلن) وهو بحر كلاسيكي قديم أخذ به الشاعر ليؤكد انتماءه إلى الخطاب الإحيائي. أما
الروي فقد جاء موحدا (حرف الميم) موصولا بحرف مد (الياء). بينما القافية جاءت
مطلقة متراكبة موصولة، الأمر الذي يفيد التزام الشاعر بوحدة القافية ووحدة الروي
ووحدة الوزن، وهو ما يبين التزامه بخصائص المدرسة التقليدية.
هذا على مستوى الإيقاع
الخارجي، أما فيما يخص الداخلي فقد عمد شاعرنا إلى تحقيقه عبر مجموعة من الظواهر
الصوتية وعلى رأسها التكرار، إذ نسجل حضور تكرار التطابق( النفس – النفس في البيت…..)
وجناس الاشتقاق (……)، وتكرار البداية (…..)، والطباق ( …..).
.يتضح لنا من خلال دراسة البنية الإيقاعية أن شوقي قد
التزم بالخصائص الشكلية لمدرسة إحياء النموذج .
5. دراسة الأساليب:
وعلى مستوى الأساليب،
فقد راوح الشاعر بين الأساليب الخبرية " نذكر مثالا..." من أجل إخبار
المتلقي …….. والأساليب الإنشائية (النداء – الأمر – النهي ) جاء بها الشاعر من
أجل تجاوز الطابع التقريري للقصيدة وتحقيق شعرية اللغة.
أما فيما يخص الجمل،
فقد مزج شوقي بين الجمل الاسمية (نذكرمثالا ….) للدلالة على ثبات الصفات التي
يمتاز بها الممدوح. و الجمل الفعلية (…. ...) للإشارة إلى الحركة والتحول الاضطراب
الذي يعاني منه بسبب تأثره بجمال محبوبته الذي خلف لديه إحساسا بالألم.
فيما يخص الضمائر فالشاعر راوح بين ضمير المتكلم (…....)،
الذي يحيل إليه. وهناك ضمير الغائب المفرد ( ……)، بينما الأفعال جاءت منصرفة في
الزمن الماضي تارة (....)، وتارة أخرى منصرفة في الزمن الحاضر (…..).
6. التركيب:
صفوة القول، إن القصيدة التي حللناها تنتمي إلى خطاب
إحياء النموذج، وكل مستوياتها تصرخ بذلك، فالشاعر عبر عن تجربته الشعرية…. وقد
اعتمد في ذلك على معجم شعري كلاسيكي تراوحت ألفاظه بين ما يدل حالته الوجدانية وما
يدل على الموعظة والحكمة وما يدل على المدح. وقد استعان بالبلاغة القديمة
والمتمثلة في الاستعارة والتشبيه والكناية. أما من حيث الإيقاع فقد وظف إيقاعا
خارجيا اعتمد فيه على وحدة الوزن والروي والقافية، كما اعتمد على تقنية التصريع في
مطلع القصيدة، واستند في الإيقاع الداخلي على تكرار مجموعة من الألفاظ والعبارات
التي حققت وظيفة لإيقاعية ودلالية. وعلى هذا الأساس فإن القصيدة تمثل نموذجا قويا
لشعر البعث والإحياء سواء على مستوى المضمون، حيث ترتبط بمضمون قديم ( الغزل-
الحكمة- المدح)، أو من حيث الشكل حيث حافظت القصيدة على جميع خصائص القصيدة
الكلاسيكية في العصور الذهبية. . إذن، فصاحبه ممثلا لها، بل رائدا من روادها
الكبار لتمثيله الجيد لها. وهو ما نستنتج معه أن الفرضية التي انطلقنا منها كانت
فرضية صحيحة.
فهل يا ترى يعكس هذا النص وجها من أوجه إحياء النموذج؟ وإلى أي حد كان خطاب البعث والإحياء وصفة ناجعة لإخراج الشعر العربي من الانحطاط؟
0 الرد على "منهجية تحليل قصيدة شعرية إحيائية:"
إرسال تعليق