علوم اللغة : الأسطورة.

 

أمثلة الإنطلاق:

يقول أدونيس،"الزمان الصغير"

وحينما تنتحبُ الأجراس والطريقْ

في هجرة الشمس عن المدينه

أيقظْ لنا، يا لهبَ الرّعد على التلالْ

أيقظْ لنا فينيقْ -

نهتفْ لرؤيا ناره الحزينه

قبل الضّحى وقبل أن تُقالْ

نحملُ عينيه مع الطريقْ

في عودة الشمس إلى المدينه.

ملاحظة الأمثلة وتحليلها:

عندما نتأمل نص الانطلاق نجد الشاعر يعبر فيه عن تجربة نفسية يتداخل فيها عنصرا الزمان والمكان بشكل واضح:عنصر المكان( الطريق، المدينة، التلال) وعنصر الزمان (حينما،هجرة الشمس، الضحى، عودة الشمس)، والجامع بين هذين العنصرين في المقطع الشعري هو الخطاب الذي يوجهه الشاعر ل"لهب الرعد" طالبا منه أن يوقظ طائر الفينيق ليضيء للشاعر عتمات الطريق في انتظار أن تعاود الشمس إشراقها من جديد.

والملاحظ أن المقطع يقوم على تواز دلالي بين لحظتين اثنتين:

لحظة الغروب(هجرة الشمس)                             لحظة الشروق (عودة الشمس)

 وقد وظف الشاعر لفظة "الفينيق" لتكثيف معاني الانبعاث المنتظرة، فالفينيق طائر أسطوري يجمع في تكوينه بين الماء والنار، وبين الحياة والموت،يموت لكن ينبعث من رماده من جديد، ولذلك يرمز به إلى الانبعاث والولادة المتجددة، لقد لجأ الشاعر إلى الأسطورة للتعبير عن معان،ربما لم تسعفه الكلمات العادية على التعبير عنها بالحرارة الوجدانية ذاتها التي تموج في نفسه، وبالرؤية نفسها التي تؤطر تجربته الشعرية.

ويقوي الدلالة الرمزية لطائر الفينيق في هذا المقطع، ربطها بلفظة"الرعد"التي ترمز في هذا السياق إلى الثورة والتمرد،وبذلك فالشاعر هنا ثائر ومتمرد ورافض لوضع يفرض عليه الجمود والموت ، وهذا ما تفسره علاقة المقطع بعنوان القصيدة ، فهو يعتبر المدة الفاصلة بين غروب الشمس وشروقها زمنا صغيرا،مما يشير إلى تفاؤله بانبعاث الحياة من رحم الموت.

خلاصة

ـ الأسطورة حكاية تقليدية، تلعب فيها الكائنات الخارقة الأدوار الرئيسة، وتروي أحداثا خرافية أو خارجة عن المألوف(خارقة)، في سياقات حكائية تمتزج فيها ظواهر الطبيعة بالتاريخ، والعلم بالخيال، والحلم بالواقع.

ـ الأسطورة تمد الشاعر بطاقة هائلة من الإيحاءات والدلالات التي تخدم موقفه وأحداث عصره.

ـ بالأسطورة ينفلت الشاعر من ربقة المباشرة في التعبير، ويتوارى خلفها ليعبر عن الواقع الحاضر، خارقا لأنماط التعبير المألوفة.

ـ المعين الذي يصدر عند الشاعر لم يعد محليا، بل صار عالميا، يمتح من أساطير الأمم والشعوب والحكايات الشعبية مما أوجب قارئا مؤهلا،واسع الاطلاع ليفك رموز الأسطورة.

شارك هذا المنشور