الشاعر عبد الحق باحو في قصيدته الموسومة بالشيخ المزعج / دراسة وتحليل
يقول الشاعر عبد الحق
باحو في قصيدته الموسومة بالشيخ المزعج:
لَقَدْ
صَغُرَتَ نَفْسُك،
وَسَقَطَتْ
هِمَّتُك،
فَلْتَبْكِ
إِذًا عَلَى عَقْلِكَ الْبَوَاكِي.
قَدَّرَ
اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَل،
فَأَنَا
لَسْتُ كَمَا يزْعُم بَعْضُ الْبُلْهِ وَالْحَمْقَى،
قِيثَارَةً
تَعْزِفُ بِهَا كُلُّ الْأَيَادِي،
لَسْتُ
قُفَّازًا لِمَنْ لَا قُفَّازَ لَهُ،
لَسْتُ
نَعْلًا لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجُوبَ الْوَادِي.
أَنَا
دَمْعَةٌ نَزَلَتْ حُزْنًا عَلَى آلَامِي،
دَمْعَةٌ
زَحَفَتْ حَسْرَةً عَلَى أَحْلَامِي،
فَأَنَا
لَسْتُ أَنْسَاكِ أَيَّتُهَا الْأَيَّامُ الْمَاضِيَةُ،
فَالْأَوْتَارُ
لَمْ تَعُدْ تُسَلِّينِي،
وَالْأَشْعَارُ
لَمْ تَعُدْ تَأْتِينِي.
ذَاكَ
الشَّيْخُ الْمُزْعِجُ يُزْعِجُنِي حَقًّا،
تُزْعِجُنِي
الْأَشْبَاحُ، حَتَّى الْأَفَاعِي
تحليل قصيدة
السياق العام:
تُعدّ
القصيدة من أبرز الوسائل التعبيرية التي يستخدمها الشاعر للتعبير عن أحاسيسه
الداخلية وتجربته الإنسانية. فالشعر ليس مجرد كلمات متراصة، بل هو عالم من الصور
البلاغية والدلالات التي تعكس رؤية الشاعر الذاتية للوجود وللعلاقات الإنسانية.
وقد كتب الشاعر عبد الحق باحو قصيدته التي تعكس صراع الذات مع الواقع
والمجتمع، حيث يمزج بين الحزن والغضب والتأمل في المصير، ليقدّم تجربة وجدانية
غنية بالرموز والصور الفنية.
المضمون الرئيس:
تعبّر قصيدة
عبد الحق باحو عن حالة وجدانية مركبة تتسم بالحزن واليأس الناتج عن خيبة
الذات أو الواقع، إلى جانب الغضب والاستياء من الآخرين والشخصيات المزعجة. كما
تعكس القصيدة وعي الشاعر بالقوى الخارجة عن إرادته، من خلال قوله: "قدر الله
وما شاء فعل"، مما يدل على إدراكه للقدر والظروف التي تتحكم في مصيره.
البعد العاطفي والدلالي
إن المتأمل
في القصيدة يجدها مشبعة بالعواطف الإنسانية، نكر منها:
- الحزن والأسى يظهر في صور مثل "دمعة
نزلت حزناً على آلامي"، و"الأيام الماضية".
- الغضب والرفض يظهر في التعبيرات: "لست
قفازًا لمن لا قفاز له"، و"لست نعلاً لكل من أراد أن يجوب الوادي".
- التأمل في المصير والقدر من
خلال "قدر الله وما شاء فعل"، وهو يوضح الجانب الفلسفي للقصيدة.
الصور الفنية والأساليب البلاغية
- الاستعارة: الشاعر يستعمل الذات كرمز للدمعة
والألم، مثل: "أنا دمعة نزلت حزناً على آلامي".
- التكرار: استخدام "لستُ" لتأكيد
رفض الخضوع للآخرين.
- المقابلة: بين الذات الممزقة والآخرين
المزعجين.
- التشخيص: "الأوتار لم تعد تُسلّيني،
والأشعار لم تعد تأتيني"، حيث تعامل الأشجار والكائنات المجردة كما لو
كانت كائنات حية.
البنية الإيقاعية والعروضية
- تتبع القصيدة الأسلوب الحر دون التقيد التام
بالعروض التقليدي، مع اعتماد الوقفات الطبيعية والإيقاع الداخلي.
- السجع الداخلي يظهر في "آلامي –
أحلامي"، لإعطاء وقع موسيقي.
- استخدام الصوتيات المتكررة (حروف مثل "ل، م،
ن") لتعزيز شعور الكآبة والثقل النفسي.
الرموز والدلالات
- الأيام الماضية → رمز للذكريات والفقدان.
- الأوتار والأشعار → رمز للمتعة الروحية والفنية التي
لم تعد تسلي الشاعر.
- الأشباح والأفاعي → رمز للتهديد والقلق النفسي أو
الأشخاص السلبيين.
التركيب:
يمكن الجزم بالقول إن قصيدة عبد الحق باحو هي مرآة لتجربة وجدانية صادقة، تعكس صراع الذات مع الواقع والمجتمع، وتقدم مشاعر الحزن والغضب والرفض بأسلوب شعري مميز. قوة القصيدة تكمن في الصور البلاغية الدقيقة، والاستعارات الحية، والبنية الإيقاعية المرنة التي تجعلها تجربة أدبية عميقة يمكن للقارئ أن يشعر بها ويستوعبها. إن هذه القصيدة تؤكد مكانة 'باحو' بوسمه شاعرا قادرا على التعبير عن الصراعات الداخلية للإنسان بأسلوب شاعري فني متكامل.
0 الرد على "الشاعر عبد الحق باحو في قصيدته الموسومة بالشيخ المزعج / دراسة وتحليل"
إرسال تعليق