-->

ز- الفصـــــــــل السابـــع: مشكلــــــــة المصــــــير (قراءة ثانية لشعرنا القديم)



 

ز- الفصـــــــــل السابـــع: مشكلــــــــة المصــــــير

ينطلق الدارس في هذا الفصل من معلقة طرفة بن العبد الدالية:

لخولــــة أطلال ببرقة ثهمــد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

إن الطلل في هذه القصيدة عبارة عن حلم مستقبلي مصيري . والوشم محاولة الذهن أن يثبت مادة الحياة، ودحض لفكرة الزمن. وتحسد القصيدة صراع الطلل والوشم، وصراع الطلل والناقة، وصراع الخمر والطلل، وصراع الفخر والطلل. وتعكس الصور الشعرية المتضمنة في القصيدة غريزة البقاء والمعاناة من الخوف. وبذلك تتعارض في النص فكرة الكفر وفكرة الإيمان. وتصور القصيدة أيضا العجز عن المصالحة بين الغرائز المتضاربة. وتشبه ثورة طرفة على الناقة بثورة الإنسان على الصنم والطابور؛لأن الناقة مقدسة كالصنم في اللاشعور الجماعي.

وتجسد الأبيات الشعرية التي تصور الناقة ذلك الصراع المرير والأنطولوجي” بين رغبة المجتمع في الإبقاء على الناقة ورغبة في عقرها. أما المجتمع فحريص على استقرار ما يتمتع به من فهم ولا يستطيع أن يواجه القيم التي يعيش عليها. وأما طرفة فيقف موقف التحدي من الشعور الديني السائد بين الناس، ولكن هذا التحدي يحمل طابع المأساة، طابع العجز والقدرة، طابع الإنسان المحدود والعقل غير المحدود. ومن أغرب الأشياء أن المجتمع- ممثلا في هذا الشيخ- يخشى مغبة عقر الناقة. ولابد أن تذكر ما ارتبط به هذا الحدث في بعض القصص.

وليس من اليسير إذاًً أن يحمل هذا القول على الكرم والاستخفاف الشديد فحسب، فعقر الناقة يراد به استنزال اللعنة، ودعاء الموت، وتحدي الآلهة، والثورة على مافوق الطبيعة بطريقة تجمع بين الشعور العبقري والجنون الراغب في الانتحار. ومن ثم فالقصيدة تعبير عن فكرة المصير الإنساني، وتعكس تفكير” طرفة الشاب الذي يريد أن يتكشف فكرة المصير التي تطرق وجدان الشعوب- كما يقول شبنجلر- في بداية السلم الحضاري. هذه هي الشخصية القوية التي تحس وجودها على نحو قوي، ومن ثم تفكر في الموت. فالمصير لا يمثل إشكالا بالنسبة لضعيف الشخصية، أو لا يصل إلى جعل هذه الأفكار قضية بالنسبة له.

ينطلق الدارس في هذا الفصل من معلقة طرفة بن العبد الدالية:

لخولــــة أطلال ببرقة ثهمــد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

إن الطلل في هذه القصيدة عبارة عن حلم مستقبلي مصيري . والوشم محاولة الذهن أن يثبت مادة الحياة، ودحض لفكرة الزمن. وتحسد القصيدة صراع الطلل والوشم، وصراع الطلل والناقة، وصراع الخمر والطلل، وصراع الفخر والطلل. وتعكس الصور الشعرية المتضمنة في القصيدة غريزة البقاء والمعاناة من الخوف. وبذلك تتعارض في النص فكرة الكفر وفكرة الإيمان. وتصور القصيدة أيضا العجز عن المصالحة بين الغرائز المتضاربة. وتشبه ثورة طرفة على الناقة بثورة الإنسان على الصنم والطابور؛لأن الناقة مقدسة كالصنم في اللاشعور الجماعي.

وتجسد الأبيات الشعرية التي تصور الناقة ذلك الصراع المرير والأنطولوجي” بين رغبة المجتمع في الإبقاء على الناقة ورغبة في عقرها. أما المجتمع فحريص على استقرار ما يتمتع به من فهم ولا يستطيع أن يواجه القيم التي يعيش عليها. وأما طرفة فيقف موقف التحدي من الشعور الديني السائد بين الناس، ولكن هذا التحدي يحمل طابع المأساة، طابع العجز والقدرة، طابع الإنسان المحدود والعقل غير المحدود. ومن أغرب الأشياء أن المجتمع- ممثلا في هذا الشيخ- يخشى مغبة عقر الناقة. ولابد أن تذكر ما ارتبط به هذا الحدث في بعض القصص.

وليس من اليسير إذاًً أن يحمل هذا القول على الكرم والاستخفاف الشديد فحسب، فعقر الناقة يراد به استنزال اللعنة، ودعاء الموت، وتحدي الآلهة، والثورة على مافوق الطبيعة بطريقة تجمع بين الشعور العبقري والجنون الراغب في الانتحار. ومن ثم فالقصيدة تعبير عن فكرة المصير الإنساني، وتعكس تفكير” طرفة الشاب الذي يريد أن يتكشف فكرة المصير التي تطرق وجدان الشعوب- كما يقول شبنجلر- في بداية السلم الحضاري. هذه هي الشخصية القوية التي تحس وجودها على نحو قوي، ومن ثم تفكر في الموت. فالمصير لا يمثل إشكالا بالنسبة لضعيف الشخصية، أو لا يصل إلى جعل هذه الأفكار قضية بالنسبة له.


اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

0 الرد على "ز- الفصـــــــــل السابـــع: مشكلــــــــة المصــــــير (قراءة ثانية لشعرنا القديم)"

إرسال تعليق

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات