علوم اللغة: بــــــلاغـــــة الاقــــــــــــنــــــــــــــــــــــــــــــاع

I.         تمثيل الظاهرة

النص الأول

قال الإمام علي (رضي الله عنه) موجها خطابه إلى أحد عماله:

اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يأنف من الرجوع إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع ،ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخدهم بالحجج، فأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل.

النص الثاني

وقال مخاطبا أحد رجاله:

ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر عملك، وأن يعظم حلمك، وأن يتباهى الناس بعبادة ربك، فإن أحسنت حمدت الله، وإن أسأت استغفرت الله، ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة، ورجل يسارع في الخيرات.

تحليل الأمثلة

1- حدد الإمام علي الصفات المطلوبة في الحاكم، وهي صفات موضوعية قائمة على حدود منطقية بديهية، باستخدام الفعل المضارع وصيغة التفضيل والعبارات القصيرة لتثبيت قيم إيجابية ونفي قيم سلبية ( أصبرهم- أقلهم تبرما – أوقفهم عند الشبهات – لا تضيق به – لا يتمادى …)، وهو استدلال بسيط تنحصر فيه العمليات المنطقية في نفي مدلولات وإثبات أخرى اعتمادا على مرجعية المعروف لدى الناس ضرورة

2- في النص الثاني يؤسس الإمام علي مفهوم الخير على تصحيح وضعيات مفهومات خاطئة لدى المتلقي، وتقديم وضعيات بديلة، والاستدلال عليها بمنطق بسيط أيضا يستمد قوته من مرجعية يزكيها الناس ويسلمون بمعقوليتها.

تركيب مفاهيمي

– الإقناع حمل المتلقي على التسليم بمعقولية ما يلقى إليه من كلام تأسيسا على منطق مقبول واستدلالات كافية وملائمة ولغة مؤثرة واستثمار جيد لسياقات التلقي المتعددة.

– تستلزم بلاغة الإقناع فعالية لغوية ومنطقية تنظم الخطاب الإقناعي بطريقة خاصة ثؤتر في المخاطب وتحمله على الاقتناع بمضمون الرسالة الموجهة اليه وإعادة النظر في ثبات ما لديه من تصورات ومعتقدات. وتستند بلاغة الإقناع إلى المرتكزات الآتية :

استثمار السياق النفسي والمرجعي للمتلقي لمد جسور الثقة بين طرفي التواصل.

ترتيب الأفكار ترتيبا منطقيا محكما.

بناء نسق استدلالي متنوع وصارم قائم على عمليات منطقية وعقلية كالقياس والاستنباط والاستقراء، ومستند على التمثيل والاستشهاد المناسبين.

تعبئة الآراء والعواطف والقيم والاجواء التي تتيحها سياقات التواصل .

استخدام مؤشرات الإقناع اللفظية من أدوات توكيد وقسم وأسلوب قصر ومعجم وصفي دقيق…..

شارك هذا المنشور