-->

المباءة (القراءة التحليلية) تتبع الحدث، الحبكة والرهان

       

I.            تتبع الحدث:

1-1- المتن الحكائي:

تدور أحداث رواية " المباءة " أساسا حول قصة شخص يُدعى قاسما الورداني يشتغل مديرا لسجن مدني بمدينة فاس ( سجن عين قدوس ص   42 ) بعد أن كان قبلُ مقاومًا ضد الاستعمار الذي تعرض له المغرب، هذا السجن الذي ضم بين جدرانه معتقلي الرأي من حزبيين ومعارضين للسلطة وطلبة ومثقفين كانوا السبب الرئيسي في خلاف قاسم الورداني مع ابنه منير الذي طالبه بالاستقالة من هذا المنصب؛ لأنه كان مؤيدًا لنضلات هذه الفئات التي سعت سعيا جادا إلى محاولة تغيير هذا الوطن الموبوء، حيث كان ينتمي إلى إحدى الفصائل اليسارية بالجامعة التي على إثر نضاله معها اعتقلته الشرطة، فاختفى قرابة شهر عن أهله قبلَ أن يعودَ ضامرًا من التعذيب الذي أصابه، ولم تمض مدة حتى اختفى منير المرة الثانية، ولكن هذه المرة بعد أن غيَّرَ انتماءه إلى إحدى الفصائل الأصولية المتطرفة التي غيرَّت لباسه  ( انظر ص 95 )، وغيَّرَت حتى تفكيره، ولم تكن الشرطة هذه المرة هي التي اختطفته، بل الأصوليون المتطرفون أنفسهم، وذلك بسبب مخالفته أميرَهم الذي يُدعى حفصًا، فعذبوه تعذيبا أشد من تعذيب الشرطة متهمين إياه بالكفر " قلتم كان يساريا، واليساري يتغلغل في قلبه الكفر، ولا يمكن أن يرسوَ على أرض الإسلام ص 115 "، على وقْعِ كلِّ هذه الأحداث المؤلمة يسافر قاسمٌ الورداني إلى الرباط ليحضر اجتماعا للوزارة قبلَ أن تصيبه لوثة جنونية هامَ بسببها على وجهه عاريا في شوارع الرباط، وغاب بذلك عن أسرته سنينا، وبسبب ذلك ارتحلت أسرته إلى السكن بغرفة مع الجيران في حي من أحياء مدينة فاس بمساعدة من خالهم بعدما أصبحت منيرة ابنة قاسم هي معيلةَ الأسرة، أمَّا قاسمٌ فانسلخ من هذا العالم الموبوء، وارتحل إلى ضريحٍ بالمدينة نفسها حيث زاوية سيدي علي بوغالب، لينضم إلى عالم آخر يتردد بين الطهارة والدناسة، وتمضي أحداث الرواية تصور لنا عالم قاسم الورداني الجديد إلى أن يلتقيَ في الأخير ابنته منيرة وزوجته رقية، وعلى صورة هذا اللقاء تنتهي أحداث الرواية.


1-2- الحبكة

من بين اختيارات سردية كثيرة نلاحظ أن الكاتب أقام روايته أساسا على حبكة تحتوي على مفارقة زمنية، وتبيانُ ذلك يلاحظ من خلال تقسيمه الرواية إلى ثلاثة فصول:

- الضريح والمقبرة ( ص 9 – 72  )

- السجن ( ص 73 – 116  )

- الضريح والمقبرة ( ص 117 – 144  )

فالملاحظ أن حبكة الرواية قائمة أساسا على الاستباق، إذ ترتيب أحداث الرواية الطبيعي المطابقِ للزمن المفترضِ وقوعُها فيه ينبغي أن يكون يكون وفق الشكل الآتي:

السجن -> الضريح والمقبرة

وهو ما تجنبه الكاتب على اعتبار أنَّ القائم بالسرد من حقه أن يختار إمكانية واحدة من بين عدة إمكانيات مفترضة لسرد قصة ما أو رواية.

1-3- الرهان:

معلوم أن رواية المباءة لمحمد عز الدين التازي قد صدرت في أول طبعة لها سنة 1988، أي بعد السنوات الصعبة التي عرفها المغرب، وهي السنوات التي عرفت باسم سنوات الرصاص ( انتفاضة 1984 بالمغرب مثلا التي عرفت بانتفاضة الخبز )، كتبت هذه الرواية احتجاجا على الواقع المأساوي الذي يعيشه المغرب، وتحسرا على القيم الأخلاقية الإيجابية التي بدأت تمحِّي فلم يعد لها حضور قوي في واقعنا، إن رواية المباءة تريد أن تبحث بشكل أساسي عن قيم بديلة لتجاوز حالة الواقع الموبوء بكل ما فيه من إحباطات وخيبات. ونحن في حديثنا في هذا السياق عن رهان هذا العمل الإبداعي لا نقوم بحصره حصرا، ذلك أن قراءةً في رهان أي عمل أدبي تَبقى رهينةً بمدى انفتاح الآفاق التأويلية لكلِّ متلقٍ.


اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

2 الردود على "المباءة (القراءة التحليلية) تتبع الحدث، الحبكة والرهان"

  1. اىةةوزطذزو بلاس ل لل ا
    ىلل
    ل ا
    ال
    لا
    ل
    لارلا
    رلا
    رر
    لاس
    لالا
    شيبللسؤب
    ر

    رلا
    5445
    10

    11101
    11101
    01
    1
    01
    100000101
    1
    11
    000000000000000
    11
    01111100
    101
    1
    11
    1

    01
    1
    01
    01
    01
    1
    11
    0
    1
    1
    1
    11
    11
    01
    1
    101

    1
    1
    1
    1
    1
    1
    10
    1
    1

    1111
    1111
    11
    1
    11
    00
    1
    011
    0110
    01
    0100
    1
    1110110

    0001010101010100010111101010ذ
    41010010100

    ردحذف

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات