-->

قراءة ثانية لشعرنا القديم ملخص الفصل الخامس: الأرض الظامئة.






إن قراءة في العنوان تجعلنا نفترض سلفا الموضوع أو القضية التي سيعالجها الناقد في هذا الفصل، فالأرض الظامئة في حاجة للمطر ليروي عطشها ويسد رمقها، وبذلك يكون ناصف يواصل رحلته الأسطورية في شعرنا الجاهلي.
إن الناقد في هذا الفصل يقف عند صورة المطر منطلقا من أن امرؤ القيس يعتبر أول من تطرق لهذه الفكرة في الشعر الجاهلي-كما هو الحال لصورة الفرس-، ومرة أخرى استطاع هذا الشاعر أن يشغل عقول الشعراء الذين أخذوا على مسؤوليتهم إتمام بناء صورة المطر التي بناها امرؤ القيس. فباتوا من بعده يقيمون للمطر بناء كبيرا، هذا وقد خضعت هذه الفكرة للتحوير من شاعر لآخر، مع الحرص على صورة المطر عند قائد الشعراء حتى تبقى صورته خالدة.
يعود د.ناصف للتذكير بفكرة الدمار، والتي ترتبط بالمطر مشيرا إلى امرئ القيس بقوله:
ومَـــــرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ          فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ          وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيداً بِجِنْـدَلِ
لم يكن عاشقا للدمار محاولا إفراغ مفهوم الدمار من دلالته القدحية  إذ يقول الناقد:”ولم تكن نفس امرئ القيس –الشاعر- من هذا النوع الذي يرتاح لرؤية العذاب يجب أن نبرئ شعر امرئ القيس من شهوة العذاب والدمار”. وفي هذا الإطار يقدم نماذج شعرية لمرئ ألقيس، يصف فيها البرق (أبيات ص 126 )، ويعكف على شرحها شرحا وافيا يكشف فيها عن فكرة المطر وولادته، رابطا إياه بفكرة الرهب فالمطر يبقى استجابة لدعائه مشيرا إلى ضرورة الإشارة إلى تلك العلاقة الوثيقة بين الراهب وفكرة المطر.
المطر في شعر امرئ القيس لا يشكل فقط شيئا عاديا، وإنما هو بحث في الوجدان كما يقول الناقد: “ولعل هذا كله يكفي لكي نقول إن المطر الذي شغل به امرؤ ألقيس بعيد عن صورة الدمار، بل كان في الوقت نفسه أشبه ببحث وجداني صعب قاس، يحتاج إلى تضحيات وفداء وعذاب، ولكنه يستأهل  كل ما يبذل فيه من خوف وولاء معا”
بعد هذا كله ينتقل الناقد إلى الحديث عن فكرة المطر بعلاقتها مع الفرس والناقة والسحاب والكلب، فالسحاب يدنوا من الأرض لينفق عليها ويعطيها فرحة النمو (ص130)، حينما أورد كلاما للشاعر عمرو بن الأهتم،إذ يقول:
وَمُستَنبِحٍ بَعدَ الهُدوءِ دَعوَتُهُ وَقَد حانَ مِن نَجم الشِتاءِ خُفوقُ
يُعالِجُ عِرنيناً مِنَ الليلِ بارِداً تَلُفُّ رياحٌ ثَوبَهُ وَبُروقُ
تَأَلَّقَ في عَينٍ مِنَ المُزنِ وَادِقٍ لَهُ هَيدَبٌ داني السَحابِ دَفوقُ
أَضفتُ فَلم أُفحش عَلَيهِ وَلَم أَقُل لِأَحرِمَه إِنَّ المَكانَ مَضيقُ
      لقد قارن نباح الكلب بالمطر، فالنباح هو صوت الأرض إلى السماء رغبة في المطر، أما عنترة فربط المطر بثغر المحبوبة معتبرا إياه روضة لم تطأها قدم في حاجة ماسة إلى المطر لتحيى فيها الحياة، يقول
وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيمَـةٍ           سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ
أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا        غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ
إلى أن يقول:
هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـه          قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ
وآخر ما يمكن قوله في نهاية هذا الفصل، فالناقد مصطفى ناصف يحاول تجسيد ظمأ الأرض، واحتياجها إلى المطر، لإخصابها، وجعلها معطاءة كقدسية تلك الناقة المتجذرة في أسطورية الشعر الجاهلي من خلال تلاوينها المتعددة في اللاشعور الجماعي القديم.

اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

3 الردود على "قراءة ثانية لشعرنا القديم ملخص الفصل الخامس: الأرض الظامئة."

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات