ملخص لمؤلف مصطفى ناصف (قراءة ثانية لشعرنا القديم) الفـــصـــل الأول: الإحســـــــاس بالتــــــراث:
يرى الدكتور مصطفى ناصف أن الأدب العربي القديم – يقصد به الأدب
الجاهلي- يتميز بصفائه ونقائه لكونه بقي بعيدا عن المؤثرات الفارسية واليونانية والهندية. ووصلنا هذا الأدب ناضجا ومكتملا وثابتا بأصوله الفنية التي صارت فيما بعد قواعد للكتابة الشعرية والإبداعية بعدما أن نزل القران الكريم بلغة هذا الأدب الرائع في شعريته وكتابته النثرية. وقد عمل القرآن على تهذيب لغة الشعر الجاهلي وتنقيتها وصقل بيانها وتطعيمها بألفاظ دينية وروحية. وقد حارب النقاد القدماء الشعراء المحدثين الذين يريدون أن يتمردوا عن بنية القصيدة الجاهلية التي صارت معيارا للاحتذاء والتقليد بعمودها الأصيل الذي يثبت مجموعة من القواعد الدلالية والفنية التي لا ينبغي الخروج عنها كما أسهب في شرحها المرزوقي في مقدمة ديوان الحماسة لأبي تمام. ويشكل هذا العمود الشعري الأساس الحقيقي لكل شعرية عربية على غرار القران الكريم والسنة النبوية اللذين يمثلان مصدرين أساسيين للتشريع والعمل.
الجاهلي- يتميز بصفائه ونقائه لكونه بقي بعيدا عن المؤثرات الفارسية واليونانية والهندية. ووصلنا هذا الأدب ناضجا ومكتملا وثابتا بأصوله الفنية التي صارت فيما بعد قواعد للكتابة الشعرية والإبداعية بعدما أن نزل القران الكريم بلغة هذا الأدب الرائع في شعريته وكتابته النثرية. وقد عمل القرآن على تهذيب لغة الشعر الجاهلي وتنقيتها وصقل بيانها وتطعيمها بألفاظ دينية وروحية. وقد حارب النقاد القدماء الشعراء المحدثين الذين يريدون أن يتمردوا عن بنية القصيدة الجاهلية التي صارت معيارا للاحتذاء والتقليد بعمودها الأصيل الذي يثبت مجموعة من القواعد الدلالية والفنية التي لا ينبغي الخروج عنها كما أسهب في شرحها المرزوقي في مقدمة ديوان الحماسة لأبي تمام. ويشكل هذا العمود الشعري الأساس الحقيقي لكل شعرية عربية على غرار القران الكريم والسنة النبوية اللذين يمثلان مصدرين أساسيين للتشريع والعمل.
ولقد واكب النقد الكلاسيكي تطور الشعر العربي من خلال مدارسة الشعر القديم والحديث من خلال ربط الماضي بالحاضر ومقارنة القيم القديمة والجديدة والبحث عن مواطن التقليد والتجديد. واعتبر الشعر الجاهلي مصدرا ومنبعا للشعر العربي قاطبة، ودرعا واقيا صامدا في وجه التيارات الثقافية والحضارية القادمة إلى ساحة الفكر العربي وإبداعه ضمن حركية المثاقفة و جدلية الاحتكاك الثقافي و الحوار الحضاري بين الشعوب.
وقد ناقش مصطفى ناصف ماذهبت إليه مدرسة الديوان إبان عصر النهضة مع عباس محمود العقاد وعبد الرحمن شكري وعبد القادر المازني التي كانت تنطلق في فلسفتها من التوجه الرومانتيكي الغربي معتمدة على الحرية وتقديس الذات الفردية والتغني بالبطولة الفردية و الحرية القومية. وكانت لا تعد بشعر لايعكس ذات صاحبه وجوانيته الداخلية ومشاعره الباطنية . أي إن الشعر عند مدرسة الديوان هو شعر الشخصية والوجدان والشعور الداخلي والإحساس بالجمال النابع من الروح. وبما أن شعر شوقي كان شعرا غيريا ولا يعكس روحه الشخصية وحياته الفردية، فقد هاجمه العقاد هجوما عنيفا ونفى عنه إمارته الشعرية من خلال نقد ه لقصيدة “الربيع” التي اعتبرها العقاد قصيدة سطحية لاروح فيها ولا معنى. وهذا الصراع في الحقيقة ما هو إلا صراع مذهبي وفني ، صراع بين مدرستين أدبيتين : المدرسة الكلاسيكية التي كانت تهتم كثيرا بالغير والآخر، والمدرسة الرومانسية التي كانت تؤمن بالفرد والقلب والعاطفة والطبيعة والحرية الإنسانية.
وعليه، فإن مدرسة الديوان تقصي الماضي الشعري و الإبداع التراثي، لأن الأدب القديم صار عاجزا وقاصرا عن العطاء والتجديد بالمقارنة مع الحاضر الذي يتطلع إلى الإبداع والحداثة الشعرية اعتمادا على مقاييس الشخصية والذات والروح الفردية. وعندما عاد زعماء الديوان إلى التراث الشعري القديم لنقده وغربلته، فإن همهم الوحيد هو البحث عن القمم الفردية التي تغنت بشعر الشخصية والحرية الذاتية و خاصية التحول كما فعل أبو نواس الذي ثار على بنية القصيدة الجاهلية التقليدية وابن الرومي الذي عبر كثيرا عن ذاته الشخصية المتأزمة. وأبعد هؤلاء النقاد كل شعر يلتزم بالقبيلة والتغني بالروح الجماعية واعتبروه شعرا رديئا غير مطبوع فيه صنعة وتكلف. ويعني هذا أن كل شعر غير ذاتي يقصى ويعد مصنوعا لاقيمة له ولا جدوى منه مادام لايعكس شخصية الشاعر وفرديته الوجودية وكينونته الداخلية. وهذا المقياس يخالف ما كان يعتمد عليه النقاد القدامى الذين كانوا يحتكمون إلى المقاييس الفنية والجمالية وليس إلى مقاييس الذات والجماعة، لذالك عد أبو نواس شاعرا عاديا ضمن المنظور الفني على الرغم من محاولته للخروج عن عمود الشعر العربي الذي بقي وفيا وأسيرا لمعاييره وأصوله الفنية الثابتة. ويعني هذا أن النقاد القدامى اهتموا بالشعر بدلا من الشاعر كما تؤمن بذلك مدرسة الديوان التي تسعى جاهدة للبحث عن ما هو شخصي وفردي في التراث الشعري القديم. بيد أن هذه المدرسة لم تجد ماكانت تبحث عنه من تجارب شعرية فردية بالمفهوم الرومانسي الغربي؛ لذلك تجاوزت الماضي نحو الحاضر وأدارت الظهر له. ويقول مصطفى ناصف في هذا الصدد:” إن الأستاذ العقاد لم يستطع- وسط همومه الثقافية المتزايدة- أن يشعر بأن الأدب العربي فيه كثير من أهوائه التي تتركز في عبادة الإنسان وعبادة حياته، فعبادة الإنسان عبارة موجزة تنفع في الإيماء إلى تفصيلات كثيرة إذا حللت. والأستاذ العقاد مشغول بهذه النزعة، وكل أقواله في دنيا الأدب والنقد إنما أراد بها أن يحيي فكرة الإنسان الباحث عن التجربة، المتلذذ بالوعي، الشاعر بالانتصار، الذي ينسخ كل ماعداه، الذي يأخذ من كل شيء آخر ما سلبه بلاحق. الإنسان الذي يسترد مملكته من أيدي الغيب. ومن ثم كان على التراث – في نظره- أن يستجيب لما أراد. وقد لقف قليل من الباحثين هذا التيار وبحثوا عن أصدائه في مجالات أخرى غير الشعر العربي، ووقر في أنفس الناس رأي العقاد حين يجعل القيمة صنوا لهذا النوع من التفكير، مما عداه في عالم الشعر العربي، وكل شعر آخر، كثير. فيلقى هذا الشعر في النار وقد كتبت عليه عبارة الشعر المصنوع.”[2]
شكرا جزيلا.أستاذ الفاضل
ردحذفوجزاكم
ردحذفرائع جدا
ردحذفمن فضلكم أريد صورتان النقد العربي القديم و الحديث
ردحذفأريد عناصر الممارسة النقدية و أنماط الممارسة النقدية في قراءة ثانية في شعرنا القديم
ردحذفاريد فصول في قراءة التانية لشعرنا العربي القديم
ردحذف