-->

فرض منزلي أنموذج القصة القصيرة (الثانية باكالوريا)

 


- نصّ الإنطلاق
                                                      الصّياد والبحر
    كان الصّيد عنده رياضة وهواية قبل أن يكون مهنة، ولذلك لم يكن يهتم بنتيجته بقدر ما كان يهتمّ بفنه، وكانت نفسه تزداد طربا وتنتشي كلما اشتبكت الأمواج وتلاطمت من حوله وقد أشرف على السّتين من عمره، ولكنه ما يزال يصارعها كما كان يفعل في سن الثلاثين، وليست له صلة بالأرض ولا بالحوادث التي انتابتها أثناء هذه السنوات الطويلة، ولكنه لا يعرف عنها شيئا بالرغم مما سمع عنها.
    وما زالت الحوادث تنتاب مراكش إلى أن بدأت تقترب من الشاطئ الجميل وقد قيل له: إن الأرض تتغير فلم يكن يخطر بباله أنّ هذا التغير سوف يشمل الشاطئ أيضا، ولكن هذا ما حَدَثَ، فقد رأى جماعة من الناس يبنون ثم رأى قوارب كثيرة تصل إلى الشاطئ فسوّلت له نفسه أن يقترب من المكان ليرى ما حدث. لقد رأى جيشا من الصّيادين في أسطول من القوارب يستعدّون للشّروع في الصّيد. وأخيرا قال لنفسه: ليفعلوا فإن من حقّ البحر أنْ يكثر فيه النّاس كما كثروا في الأرض، على أن الأمر لم يكن بسيطا إلى الدّرجة التي كان يتصورها، فقد حدث أن رجع ذات يوم من الصّيد منشرح النّفس على عادته وجمعَ أسماكه في انتظار الرّجل الذّي سوف يحملها إلى السّوق، إذ أبصر إلى جانبه رجلين فقام إليهما بَاشّا ليرحّب بهما... ولكن أحدهما بادره بهذا السؤال:
- إنه يقول لك - وأشار إلى الشّخص الثّاني - ماذا تفعل هنا ؟
- هذا سؤال غريب من زائر جديد، من أين جاء هذا الرجل ؟
- هذا الرّجل هو صاحب هذا الشاطئ وهذا البحر. فنظر إليه عباس الصّياد نظرة عادية فاستفسر:
- ماذا تعني ؟
- ألم تفهم ؟ هذه الأرض وذلك البحر ملك لهذا الرجل ولا يجوز لك الصّيد هنا مرة أخرى.
- فتضايق عباس وقال: هيا، قل ما تريد أن تقول، علكما تريدان أن أعطيكما سمكا.
- ألا تعرف اللّغة العربية ؟ لا يجوز لك أن تصيد هنا مرة أخرى.
فتضايق عباس وهو يضع راحته على كتف الرجل، ولكن الرجل زحزحها في جد وهو يقول: إذا لم ترحل خلال يوم واحد، فسوف نحطم قاربك ونطردك من هنا.
   كانت دهشته عظيمة عندما أقبل إليه أحدهما وقصد الآخر القارب وشرع يحطمه كما قال بالأمس فأسرع إليه ليمنعه ولكن الرجل دفعه في وجهه، فرد عليه عباس بضربة ألقته على ظهره مشلولا.
تكاثر عليه الصيادون الفرنسيون، وأُلقي عليه القبض وقضى بعد ذلك في السّجن ستة شهور لأنه تَجَاسَرَ على منع السّادة من تحطيم قاربه. ولكنّ هذا كله مضى الآن، لقد خرج من السّجن وهو لا يستطيع العودة إلى البحر لأنه لا يملك قاربا، ولا يأمن أصحاب البَحر الجدد.
   واعتاد بعد ذلك أن يسعى كل يوم إلى الشاطئ إلى أن يبلغ مكانا يرف منه على الصيادين الجُدد بعد أن أصبحت الصلة الوحيدة التي تربطه بالحياة هي ذكرياته في البحر، كان يجلس ليسترجع الحوادث ويتخيل الماضي ويعيش بين أشباح الأمواج.
ثم فَتَرَ الحَمَاسُ الذي كان يوحيه إليه البحر وهو راكبه، ودبّت الشّيخوخة في أوصاله بعد أن تعطّل عن العَمل وانقطع عن ركوب البحر وحطّم بَدَنَهُ السّجْنُ، وعَرَا عضلاته الكسل وقد باعدت الأيام بينه وبين مُصارعة الأمواج، وسعت المآسي والحسرات بعباس الصّياد إلى أرْذَلٍ العُمُرٍ سريعا، لكنه استيقظ ذات ليلة من ليالي الشّتاء وهو يشعر بالآلام تمزقه وبالنهاية تقترب إليه قليلا قليلا، فعزم عزما رهيبا فدخل البحر وظل يتقدم إلى أن وجد نفسه بين قوارب الصيد الفرنسية فَدَلَفَ إلى أحدها وبدأ يدفعه بكتفه ويتعلق به... وأخيرا استطاع أن ينزل فيه بعد جهد جهيد...
   وبدأت الأمواج تُهَدْهِدُهُ، ثم تتقاذفه، فأحسّ رَجُلُ البحر القديم بالمشاعر نفسها التي كان يُحِسُّ بها حينما كان يركب البحر المائج في أيامه الذّهبية، وبرقت عيناه فرحا واغْتِبَاطا ونسي ما قاساه في أيّامه الأخيرة.
                                    

وادي الدماء، عبد المجيد بن جلون، دار الثقافة - ط2، 1987، ص: 41 وما بعدها، بتصرف.

- أسئلة الفهم والتّحليل:

    - أكتب موضوعا إنشائيا تحلّل فيه النّص تحليلا متكاملا مسترشدا بما يلي:
- صياغة تقديم تؤطّر فيه النّص ضمن السّياق الأدبي لتطوّر فنّ القصّة، وصياغة فرضيّة مناسبة.
- تكثيف أحداث النّصّ ثمّ تصنيفها في خطاطة سرديّة.
- دراسة القوى الفاعلة في النّص.
- دراسة الفضاء في النّص.
- تحديد خصائص السّرد والوصف والحوار في النّص.
- صياغة خلاصة تركيبيّة.  


اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

0 الرد على "فرض منزلي أنموذج القصة القصيرة (الثانية باكالوريا)"

إرسال تعليق

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات