نموذج من الشعر الأندلسي، ابن هذيل ( وصف مدينة الزاهرة )
تــــمــــهـــــيـــد: تميزت حركة الشعر في الأندلس وكانت مختلفة عن
مثيلتها في الشرق، فبعد استقرار الأحوال وازدهار الحضارة في المغرب والأندلس
حاول الشعراء الحفاظ على مكونات الشعر العربي القديم ومحاكاة مضامينه إلا أن
الواقع الاجتماعي وخصوصية البيئة الأندلسية المغربية قد أثرا في الإبداع الشعري
وأغنياه مما جعله يطبع الموروث القديم بصيغة محلية، فظهرت أشكال شعرية جديدة كالموشحات
ووصف الطبيعة ورثاء المدن والمماليك. ـ يحيى بن هذيل أديب وشاعر وفقيه ومحدث ولغوي
أندلسي، كان من أبرز شعراء قرطبة في عصره.
|
وأثناء قراءة الأبيات 1 و 10 والبيتين الأخيرين يتبين أن القصيدة عبارة عن وصف مدينة الزاهرة ومناظرها
ـ الوحدة الأولى من البيت 1 إلى البيت 5، وصف القصور ووصف البركة: حيث عبر الشاعر عن عظمة القصور من خلال شموخها وبراعة هندستها وطريقة بنائها
ـ الوحدة الثانية: من البيت 6 إلى آخر النص، فإن الشاعر يصف بعض الحضارة الأندلسية وما تزخر به من ماء وما يحيط بها من بساتين.
ـ القصيدة وصف لمدينة الزاهرة أظهر فيها الشاعر ما تتميز به مدينة الزاهرة ون عمارة فريدة ومنتزهات وسهول خضراء ممتدة، وقد ركز أساسا على بركة الزاهرة وما يميزها من شكل هندسي وما تزخر به من تماثيل فضلا عن أثر المياه وما ينتج عن ذلك من جمال يعجز عن الوصف ... ويتخلله مدح الخليفة المنصور الذي يتصف بالجود والكرم ...
المعجم: على مستوى البنية المعجمية توزع معجم القصيدة على
حقلين: الألفاظ الدالة على الطبيعة الحية: الأرض ـ الرُّبى ـ الشمس ـ أهلة ـ التيجان ـ صفاء ـ ـ كافور ـ بساتين ـ الأغصان ـ الألفاظ الدالة على الطبيعة الصناعية: قصور ـ الباب الأسود ـ العامرية ـ صهاريج ـ دنانير ـ اللهوة ـ الدكاكين |
ـ هناك مزاوجة بين الحقلين مما يشكل جمالية مدينة الزاهرة ، بمعنى أن
جمالها وسماتها مستمدة من الجمال الطبيعي، بحيث يصير الجمال الصناعي امتدادا
للجمال الطبيعي |
اعتمد الشاعر على المرئيات بالدرجة الأولى من خلال وصفه لمعالم القصور وشموخها كما اعتمد على الصوتيات كخرير المياه . وعموما يكاد يكون التشبيه أكثر الصور في أبيات القصيدة ، كما هو وارد في البيت 1 ، 2، 4، 6، 7، 8، 9، 10، ... مما يشير إلى خاصية مهمة من خصائص الشعر الأندلسي الذي يتميز بالإغراق في التشبيه والمجاز وإثارة الخيال إضافة لغرض الوصف الذي يتطلب هذا الأسلوب البياني بتقريب الصورة إلى المتلقي.
الأساليب:
.هيمن على القصيدة الأسلوب الخبري لأن الشاعر بصدد وصف معالم الحضارة الأندلسية وما تزخر به من مظاهر طبيعية وعمرانية وهي موجهة إلى متلق خال الذهن لأن الشاعر بصدد إبراز التحول الحضاري والاجتماعي. و نلاحظ على مستوى الجمل الفعلية أنه زاوج بين الفعل الماضي والمضارع ، فوظف الفعل المضارع حين حديثه عن القصور ووصفها وشموخها. ووظف البنية الماضية في سياق وصفه للبركة
الإيقاع:
نظم الشاعر قصيدته على وزن بحر الطويل: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ثماني مرات وهو بحر يعتبر من أهم الأوزان المتداولة في الشعر العربي، وهو بحر يناسب الأغراض الفخمة كالمدح ... أصاب العروض والضرب( القبض) (مفاعلن) وهو زحاف جار مجرى العلة ، كما اعتمد الشاعر على قافية المتدارك لتوالي حركتين بين ساكنيها ( يَخْشَعُوْ) واختار لها رويا هو (العين).
أما على مستوى الإيقاع الداخلي، نجد الترابط: قامت ـ قائم ، يستخذي ـ يخشع، كما نجد التكرار، مثل: الماء، الأرض، كأن ....
تمثل القصيد نموذجا حيا لفن العمارة التي تزخر به الأندلس، حيث مزج
الشاعر بين غرض الوصف والمدح محاولا
الخروج عن ممارسة الشعراء المشارقة حيث تأثر بهم ولكنه وصف الطبيعة المحيطة حوله
والتي تختلف كثيرا عن الطبيعة الصحراوية التي انتشرت في قصائد القدماء. |
0 الرد على "نموذج من الشعر الأندلسي، ابن هذيل ( وصف مدينة الزاهرة )"
إرسال تعليق