المكون: النصوص / بنية النص النثري القديم ووظيفته ب ـ أنماط حجاجية: الموضوع: نموذج من أدب الخطابة " دعوة إلى المناصحة والالتزام بالطاعة " منذر بن سعيد البلوطي

 

تمهيد: 

ـ  الخطابة فن نثري حجاجي  قديم، ويستهدف مخاطبة الجمهور والتأثير فيهم بواسطة مجموعة من الحجج. ولا بد للخطبة من مناسبة، كما أنها لا تكون إلا أمام جمهور مستمع وهو في الغالب جمهور عام يمثل طل طبقات المجتمع، ولا يخص طبقة دون أخرى. وقد عرفت تطورا ملحوظا من الجاهلية إلى الإسلام ومن الإسلام إلى ما بعده، واستخدمت الخطاية كوسيلة للإرشاد والنصح في أمور الحياة والدين والمبادئ والقيم والمذاهب حيث تؤدي إلى إثارة حماس الناس لفكرة، أو الاستعداد لحرب، أو السلم وحقن الدماء. كما مثلها مجموعة من الخطباء نذكر منهم الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب والحجاج وغيرهم. فقد عرفت الخطبة عدة أنواع، نذكر منها: الخطبة الوعظية (الدينية). الخطبة الاحتفالية. الخطبة السياسية. الخطبة القضائية. الخطبة الاجتماعية. الخطبة الحربية. كما اتسمت بعدة خصائص لعل أبرزها: البناء الفني ( المقدمة، العرض، الخاتمة)

ـ التعريف بصاحب النص ومناسبة الخطبة  ( انظر الكتاب المدرسي ص 186).

الملاحظة:

قراءة في العنوان:
 يتكون العنوان من أربع مركبات اسمية وثلاث مركبات حرفية  
العنوان جملة اسمية وتدل على طلب الإرشاد والنصح والتقيد بالطاعة وبقراءتنا لبداية النص نلمح مجموعة من المكونات الفنية كالتحميد والدعوة إلى التقوى.
من خلال المؤشرات السابقة أن النص ينتمي إلى نمط نثري حجاجي(خطبة) موضوعه ديني.

الـــفـــهــــم:

استهل الخطيب خطبته بالحمد لله والثناء عليه، والشكر لنعمائه، ثم انتقل إلى ذكر فضائل ومزايا الخليفة عبدالرحمان الناصر لدين الله  وما صاحب خلافته من ازدهار الأندلس وتطور أحوال أهلها مركزا على منجزاته البطولية، وأيامه الحافلة بالانتصارات خاتما خطبته بدعوة المستمعين إلى طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم وبعدهما الخليفة، وحثهم على الالتزام بأوامره والتمسك بالعروة الوثقى لضمان هناء الدنيا والآخرة.

التحليل:

الحقول الدلالية: يمكن تقسيم النص إلى حقلين دلاليين حقل الدين حقل السياسة الحمد لله ـ أنشدكم بالله ـ الالتزام بالطاعة ـ من كل فج عميق ـ غفور رحيم جمع كلمتكم ـ بعد افتراقها بإمامته ـ وفود الروم ـ التزام لخليفتكم العلاقة هي علاقة تكامل لأن الخطيب وظف المعجم الديني لغاية سياسية وهي تأييده للخلافة اللغة: ـ اتسمت لغة النص بين التقرير والتصوير حيث نجد أنه رغم وجود الأسلوب المباشر إلا انه تتوسط مجموعة من الصور البيانية وهي إقناع المتلقي أساليب الحجاج:  وهي كثيرة وأبرزها أسلوب الاستشهاد ومن خلاله وظف الخطيب مجموعة من الحجج وأغلبها من القرآن الكريم ودلالتها تأييد ملك الخلافة الأساليب الإنشائية: ـ الأمر: اصغوا إلي ـ الاستفهام: ألم تكن البلاد خرابا ...؟

البناء الاستدلالي في النص:
يعتبر نظام السرد الاستدلالي من أهم العناصر المشكلة لمنهجية الخطيب في الخطبة وقد لجأ إليه الخطيب لمناصحة المستمعين ودعوتهم إلى طاعة الله والخليفة والالتزام بأوامرهما  وذلك من قبيل " إني قد قمت في مقام كريم، بين يدي ملك عظيم، فاصغوا إلي معشر الملإ بأسماعكم "  وقد عمد من خلال هذه الجملة إلى التمثيل الدال على المكانة الدينية للخليفة، ومدى مساهمته في جمع شمل المسلمين بالأندلس بعد انحطاطها . وقد تحقق هذا البناء عن طريق لجوء الخطيب إلى الحجج والبراهين ذات البعد الديني أساسا باعتبار الدين من الوسائل الأكثر إقناعا والأكثر تأثيرا على المخاطب.
التركيب:

نستخلص مما سبق أن المقصدية من هذه الخطبة هي رصد الخطيب لفضل الأمراء على أقوامهم مشيدا بإنجازات الخليفة عبدالرحمان الناصر ومحذرا قومه من التمرد على أمره لأن ذلك سيدعو إلى الفتنة بينهم ولإيصال ذلك توسل بمجموعة من الوسائل كالمعجم واللغة والصور البيانية وتكمن قيمة النص في بعده الديني في حث الإسلام على طاعة الخلفاء. 

شارك هذا المنشور