-->

علوم اللغة: التشبيه الضمني / (أولى أدب)



التشبيه الضمني 



أركان التشبيه في اللغة العربية

بعد معرفة تعريف التشبيه في اللغة العربية من جهة اللغة ثمّ من جهة الاصطلاح ينبغي أن يُعرَفَ أمرٌ وهو أنّ التشبيه يقوم بأركان أربعة قد اتّفق عليها علماء البلاغة، وكل ركنٍ منهم له عملٌ يختص به دون غيره، وأركان التشبيه هي:

المشبه: وهو الأمر الأول الذي يراد إلحاقه بغيره.

المُشبّه به: وهو الأمرُ الثّاني الذي يُلحَقُ به المُشبّه، ويُسمّى هذان الركنان طرفَي التشبيه.

وجه الشبه: وهو المعنى المشترك بين الطّرفين، ويكونُ في المشبه به أقوى منه في المشبه، وقد يذكر في الكلام وقد يُحذف.

 أداةُ التّشبيه: وهي اللّفظُ الذي يَدلُّ على التّشبيه، ويحصُلُ به الرّبط بين المشبه والُشبه به، وأيضًا قد تذكر الأداة وقد تُحذف.

التشبيه الضمني

التشبيه الضمني هو التشبيه الذي لا يأتي فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة والواضحة، بل يأتيان في سياق التركيب وإن هذا الضرب من التشبيه يستخدم ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن، ويمكّن الكاتب أو الشاعر للتعبير عن بعض أفكاره بأسلوب يوحي بالتشبيه من غير أن يصرح به في صورة من صور التشبيه المعروفة.

فوائد التشبيه الضمني

إن للتشبيه الضمني بعض الفوائد التي تعود على الشعر والأدب العربي منها:

·         فهو باب لتفنن الشاعر أو الكاتب في أساليب التعبير.

·         النزوع إلى الابتكار والتجديد.

·         إقامة البرهان على الحكم الذي يريد أن يسنده الشاعر إلى المشبه.

·         يستخدم في أعقاب الكلام ليقنع المخاطب أو القارئ بالفكرة التي يتكلم بها الشاعر.

·         رغبة الكاتب في إخفاء معالم التشبيه لأنه كلما كان خفياً ودق كان أبلغ وأفعل في النفس.

 

أمثلة على التشبيه الضمني

قال المتنبي :

من يهن يسهل الهوان عليه       ما لجرح ٍ بميت ٍ إيلام

يقول المتنبي: من يصبح هينًا فسوف يكون الهوان عليه سهلًا أي أن الذي يتعود الهوان سوف يراه عاديًا بعد ذلك و يراه شيئًا عاديًا على نفسه.

 هنا المتنبي يريد أن يثبت هذا الكلام فيقول: إن الميت إذا جرح فإنه يفقد الإحساس بالألم، نعم هذه صعوبة التشبيه الضمني وهو وجود الدليل لإثبات ما قبله من كلام ، فهنا نرى حالتين حالة الشخص الذي تعود الهوان، والحالة الأخرى حالة جرح الميت الذي فقد الإحساس،  تشبيه حالة بحالة والتشبيه الضمني يتميز بعدم وجود أداة التشبيه فأنت تقوم بالتشبيه عن طريق ضرب الأمثال .

 

قال أبو تمام:

لا تنكري عطَل الكريم من الغنى      فالسيل حرب للمكان العالي

انظر بيت أبي تمام فإنه يقول لمن يخاطبها: لا تنكرِ خلو الرجل الكريم من الغنى فإن ذلك ليس عجيبًا لأن قمم الجبال وهي أشرف الأماكن وأعلاها لا يستقر فيها ماءُ السيل. ألم تلمح هنا تشبيهًا ؟ ألم ترَ أنه يشبه ضمنًا الرجل الكريم المحروم الغنى بقمة الجبل وقد خلت من ماء السيل؟ ولكنه لم يضع ذلك صريحًا بل أتى بجملة مستقلة وضمنها هذا المعنى في صورة برهان .ففي هذا الكلام تشبيه ضمني ، ولو أتى بصورة معروفة للتشبيه لقال : إن الرجل الكريم المحروم الغنى يشبه قمة الجبل وقد خلت من ماء السيل .

وقال ابن الرومي

قد يَشِيب الْفَتَى وَلَيْس عجيبًا   أَنْ يرَى النَّور في الْقَضِيب الرَّطيبِ

ويقول ابن الرومي : إن الشاب قد يشيب ولم تتقدم به السن ، وإن ذلك ليس بعجيب فإن الغصن الرطب قد يظهر فيه الزهر الأبيض. فابن الرومي هنا لم يأْت بتشبيه صريح فإنه لم يقل : إن الفتى وقد وخطه الشيب كالغصن الرطيب حين ازهاره ، ولكنه أتى بذلك ضمنًا.

قال المتنبي :

وأَصبح شِعْرِي منهما في مكانه    وفى عَنقِ الحْسَناء يسْتحْسن العِقْد

- المشبه: حال الشعر يثني به على الكريم فيزداد الشعر جمالًا لحسن موضعه

- والمشبه به: حال العقد الثمين يزداد بهاء في عنق الحسناء

- وجه الشبه: زيادة جمال الشيء لجمال موضعه.

 

وقال المتنبي :

كَرَمٌ تَبَيَّن في كلامِك مَاثلاً        ويبين عِتقُ الْخيْل من أَصوَاتِها

- المشبه: حال الكلام وأنه ينم عن كرم أصل قائله.

- والمشبه به: حال الصهيل الذي يدل على كرم الفرس.

- وجه الشبه: دلالة شيء على شيء.

قال البحترى :

ضَحوكٌ إلى الأَبطال وهْوَ يَروعُهم     وللسَّيفِ حدٌّ حين يسْطُو وروْنَق

-          المشبه: حال الممدوح يضحك في غير مبالاة عند ملاقاة الشجعان ويفزعهم ببأسه وسطوته.

-           والمشبه به: حال السيف عند الضرب له رونق وفتك.

 

وقال المتنبي :

ومن الْخَيْرِ بطءُ سَيْبِكَ عنِّى            أَسْرَعُ السُّحْبِ في المسِيرِ الْجَهَام

-المشبه: حال العطاء يتأخر وصوله ويكون ذلك دليلا على كثرته.

- والمشبه به: حال السحب تبطئ في السير ويكون ذلك دليلا على غزارة مائها.

وقال :

لاَ يُعْجِبَنَّ مَضِيمًا  حُسنُ بِزّتِه      وهلْ يروق دَفيناً جوْدة الكَفَن

- المشبه: حال المضيم لا يفرح بيسره وسعة رزقه وهو في أسر الذل.

- والمشبه به: حال الميت لا يفرح بما عليه من الأكفان الحسان.

وقال :

ومَا أَنا مِنْهُمُ بالعَيشِ فيهم        وَلكِنْ معْدِن الذهبِ الرَّغامُ

-المشبه: حال الشاعر لا يعدّ نفسه من أهل دهره وإن عاش بينهم.

 -والمشبه به: حال الذهب يختلط بالتراب مع أنه ليس من جنسه.

قال أبو فراس :

سَيذْ كُرنى قَوْمى إِذَا جدَّ جِدُّهمْ     وفِى اللَّيْلَة الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ الْبَدْر

-المشبه: حال الشاعر يذكره قومه إذا اشتدت بهم الخطوب ويطلبونه فلا يجدونه.

- والمشبه به: حال البدر يطلب عند اشتداد الظلام.

تَزْدَحِمُ القُصَّادُ في بابِهِ            والمنْهلُ العَذْبُ كثيرُ الزحام

-المشبه: حال الممدوح يزدحم طالبوا المعروف ببابه.

- والمشبه به: حال المنهل العذب يزدحم الناس عنده.

اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

0 الرد على "علوم اللغة: التشبيه الضمني / (أولى أدب)"

إرسال تعليق

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات