ج- الفصــــــل الثــــالــــــــث: البــــطــــــــــل قراءة ثانية لشعرنا القديم
يمتاز الشعر الجاهلي على عكس نظر كثير من الدارسين بترابط مواضيعه وأغراضه وأجزائه إذا أحسنا قراءة هذا الشعر. وبالتالي، ينفي مصطفى ناصف فكرة تعدد الأغراض وتفكك القصيدة التقليدية ويعترف بالوحدة الموضوعية والعضوية التي يتسم بها هذا الشعر.
وينتقل الدارس من فكرة الطلل إلى الفرس ليبين بأن معظم الشعراء الجاهليين وصفوا الفرس ولاسيما طفيل الغنوي الذي يلقب باسم طفيل الخيل لأنه أجاد في وصف الفرس ،وسلامة بن جندل السعدي في بائيته وهو من فرسان العرب المذكورين فقد أحسن أيضا في وصف الفرس وربطه بصورة الماء كثيرا. ولكن يبقى فريس امرئ القيس أكثر الأفراس شهرة في الأدب العربي وخاصة في معلقته اللامية التي يقول فيها:
وقد أغتدي والطير في وكناتهــــــا
بمنجرد قيـــــد الأوابد هيكــــــــل
مكر مفر مقبل مدبـــــــــــــر معــا
كجلمود صخر حطه السيل من عل
لقد علم امرؤ القيس الناس كيف يصفون الفرس ويتحدثون عنه. وقد أصبح وصفه مرجعا لجميع الشعراء العرب. وارتبط الفرس عند هذا الشاعر بالسيل والسرعة والجمال الخارق والمطر المغيث،وبذلك صار هذا الفرس خالدا في ذاكرة الشعراء اقتباسا وتناصا وتقليدا .
و لايمكن فصل هذه المواضيع( الفرس والسيل والمطر) في الشعر الجاهلي مهما تعددت أغراضه . ويتخذ الفرس بدلالاته الرمزية في اللاشعور الجمعي طابعا أسطوريا وطقوسيا؛ لأن الفرس يرتبط في الذاكرة الجماعية والشعرية بالخير والقوة والعطاء. ويتحول قبح الفرس حينما تسيل منه الدماء إلى جمال عندما يزين الفرس بالحناء تصويرا وتشبيها، مما يضفي على الفرس بعدا جماليا. وهذا القبح الجميل موجود بكثرة في الشعر العباسي عند مسلم بن الوليد وبشار بن برد.
ويتجلى البعد الأسطوري على مستوى الفرس /الرمز في كونه يتخذ طابعا إنسانيا إحيائيا عير مجموعة من السمات كالقوة والشجاعة والكرم والعطاء والإلهام والحيوية والنشاط. ويملك الفرس هنا قدرات جنية وصوفية وباطنية كما يتبين واضحا في لامية الشاعر الجاهلي المزرد بن ضرار الذبياني الذي أسبغ على فرسه فضائل خيالية جعلت من الفرس كائنا مقدسا ،و بمثابة قائد ومعلم عظيم يمهد للناس الطريق. و" الفرس- ذلك الإنسان الكامل- صورة لما يتشبث به الشاعر أملا في المستقبل ورغبة في قدر أتم من المناعة والحصانة. إن صورة الفرس هي صورة الرجل النبيل الذي ملأته العزة والثقة...والحقيقة أن الدور الإنساني للفرس دور واضح، ويبدو للقارئ أن الفرس يستطيع بمميزاته البدنية والسلوكية أن يكشف الأمور، ويرتاد المجاهل، ويأخذ وظيفة الرائد الذي يتقدم غيره من الناس؛ فالفرس لكرمه وإصراره على أن يبذل ذات نفسه أصبح خليقا بأن يأخذ صفة السلطة ويمسك زمام الأمور. ولا يمل القارئ من الإعجاب بصورة( حيوان) يجاهد في سبيل إسعاد البشر. ومن ثم كان صوت الفرس صوتا كريما مسموعا لأنه يضيء الطريق أمام الناس. بل إن ما يسمى الذعر أو الجنون قريب من النذر وإحساس من يضيء الطريق بمخاطر الظلام.".
مامعنى البطل
ردحذفمامعنى الطلل
ردحذفممكن اوصاف الفرس في فقرة
ردحذفكيف يحضر الفرس
ردحذف