-->

ما بين فقه اللغة وعلم اللغة: أهدافهما وغاياتهما

 



     I.            تعريفات:

v      تعريف الفقه:

في اللغة: جاء في (لسان العرب) الفقه : العلم بالشيء ، والفهم له وفَقهَ فقها بمعنى عَلمَ علما، وفقه عنه بالكسر فهم ، والفقه الفطنة. يقال: فَقُه الرجل فقاهة إذا صار فقيهاً، وفَقِه: أي فهم فقهاً([1]).

وبعض العلماء يرى أن الفقه أخص من العلم، قال الراغب الأصفهاني: "الفقه هو التوصل إلى علمٍ غائبٍ بعلم شاهد؛ فهو أخص من العلم" ([2]).

أما اصطلاحا:

1ـ عرفه ( الصالح ، 1970م ) بأنه : " منهج للبحث استقرائي وصفي يعرف به موطن اللغة الأول ، وفصيلتها ، وعلاقتها باللغات المجاورة أو البعيدة ، الشقيقة أو الأجنبية ، وخصائص أصواتها ، وأبنية مفرداتها وتراكيبها ، وعناصر لهجاتها ، وتطور دلالتها ، ومدى إنمائها قراءة وكتابة " ( 15 : ص 22 ) .

2ـ عرّفه ( عبد التواب ، 1999م ) بأنه: "العلم الذي يحاول الكشف عن أسرار اللغة ، والوقوف على القوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة سر تطورها ودراسة ظواهرها المختلفة ، دراسة تاريخية من جانب ووصفية من جانب أخر" ( 17 : ص9 ).

وفي تعريف شامل جامع مانع نقول: هو التبحر في دارسة اللغة ( أيا كانت ) للوقوف على أسرارها وكلماتها وتطوراتها والقوانين الخاضعة لها ليتسنى فهمها والتحقق فيها ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة تاريخية وصفية.

v      تعريف اللغة:

في اللغة: اللغة مشتقة من لغا يلغو: إذا تكلم؛ فمعناها الكلام؛ فهذا تعريفها في اللغة([3]).

أما اصطلاحا:  فعرفت بتعريفات عديدة، أشهرها ما ذكره أبو الفتح ابن جني في كتابه (الخصائص) حيث قال: اللغة، أصوات يعبِّر بها كل قومٍ عن أغراضهم ([4]).

وهذا التعريف الذي تناقله علماء العربية على اختلاف تخصصاتهم، يضارع أحدث التعريفات العلمية للغة؛ حيث ترى تلك التعريفات أن اللغة:

أ_ أصوات منطوقة.

ب _ أن وظيفتها التعبير عن الأغراض.

ج_أنها تعيش بين قوم يتفاهمون بها.

د _ أن لكل قوم لغة.

ويراها بعض المحدثين: أنها نظام من الرموز الصوتية، أو مجموعة من الصور اللفظية تُختزن في أذهان أفراد الجماعة اللغوية، وتستخدم للتفاهم بين أبناء مجتمع معين([5]).

ويراها آخر بأنها: معنى موضوع في صوت([6]).

v      تعريف فقه اللغة : 

لغة: فهم اللغة، وإدراك منهجها وغوامضها، والعمل بأساليبها.

اصطلاحاً: فهو العلم الذي يدرس قضايا اللغة من أصوات وتراكيب ومفردات، بمستوياتٍ مختلفة، صوتياً ونحوياً ودلالياً وصرفياً، ومتابعة التطورات عليها، والبحث في العقبات التي تمر بها هذه اللغة، مقارنةً باللغات واللهجات الأخرى.

ويمكن أن يعرف تعريفاً موجزاً، فيقال: هو العلم الذي يعنى بفهم اللغة، ودراسة قضاياها، وموضوعاتها.

v      ما بين فقه اللغة وعلم اللغة: 

أ‌.      علم اللغة: ارتبط بالعالم دي سوسير في القرن التاسع عشر للهجرة، وهو يدرس اللغة بطريقة علمية، ويهتم باللغة نفسها، ويدرسها لذاتها، ووظيفة علم اللغة تقسيم اللغة إلى مستوياتها الرئيسية وهي: الصوتية، والنحوية، والصرفية، والدلالية، ويتتبع الباحثون منهجاً علمياً واضحاً لإثراء القاعدة اللغوية.

يقول دي سوسير: " إن موضوع علم اللغة الصحيح والوحيد هو اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها ”

ب‌.  فقه اللغة: فهو يعني الفهم الصحيح والدقيق للغة، مع دراسة المستويات الصوتية، والصرفية، والدلالية، والنحوية، ومتابعة تطورها، والبحث في المعجمات والفهارس عن المعاني، والاشتقاقات، والترادف، وعلوم البلاغة، مع الحفاظ على الوظيفة الأساسية للغة ومصادرها.

ارتبط ظهور مصطلح فقه اللغة بابن فارس، في القرن الرابع عشر للهجرة، والذي ذكره لأول مرة في كتابه "الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها"، واعتبر العلماء والباحثون أنّ شرح النصوص الشعرية وتناول مفرداتها يندرج تحت مصطلح فقه اللغة، بالإضافة إلى النظر في تاريخ اللغة وأصل اللغة وتطوّرها ونشأتها، والعلاقة بينها وبين اللغات الأخرى، وهذه النظرة تهدف إلى الحصول على رأي نقدي سليم وحكمٍ دقيق على الأديب.

كخلاصة اهتم فقهاء اللغة – منذ أن بدأو دراسة اللغة – بالمقارنة بين اللغات ومحاولة إعاة تشكيلها ، ورصد تطورها والتأريخ لها مما جعل عملهم عملاً مقارناً تاريخياً في معظمه ، أما عمل علماء اللغة فهو وصفي تقريري.

II.أهداف وغايات فقه اللغة:

لكل علم يدرس غايةٌ وأهداف مرجوّة، ولذلك يكون الخوض في غماره والبحث فيه، ومن هذه الأهداف:

v        التأمل في بديع صنع الله، فعلوم الصوتيات والجهاز الصوتي معجزة خالدة.

v        القدرة على النطق السليم.

v        الافتخار باللغة العربية وعلومها.

v        تفتيح القرائح وتنبيهها اتجاه ما يحاك ضد العربية، وذلك لأن الدفاع عن اللغة واجب دينيٌ وأخلاقي.

v        إجلال السلف الصالح من العلماء.

v        مواكبة التطور السريع الذي يطرأ على اللغات، ويؤثر على اللغة العربية.

v   بيان العلاقة المتداخلة بين العربية واللغات الأخرى، وخدمة كل منهما للأخرى.

 

III.       موضوعات فقه اللغة

لفقه اللغة موضوعات جليلة وعظيمة، أوجزت فيما يلي:

·        الكشف عن أصل اللغة.

·        البحث في أسرار وجمال اللغة العربيّة، وخصائصها.

·        معرفة قواعد العرب في كلامهم.

·        الصوتيات، وعلوم النطق.

·        اللهجات العربية، والفروق بينها.

·        المستوى الصرفي، وعلم بنية الكلام.

·        النحو العربي وقواعده.

·        علوم الدلالة.

·        ازدهار علوم الدلالة وانحطاطها.

·        أنواع الشتقاق.

·        الترادف والتضاد والنحو.

·        الترجمة والتعريب وسننهما.

·        المعاجم والفهارس العربية ومناهجها.

·        البحث في تنقية اللغة، وتصفيتها من الشوائب والدخيل.

·        معرفة العقبات والمشكلات التي تتعرض لها اللغة.

·        استيعاب اللغة للمصطلحات الحديثة في مجالي الطب والصناعة.

·        اللهجات المختلفة، والعناية بالخط العربي.

·        الاهتمام بالدراسات التي تنشرها المعاجم اللغوية، ومناقشة نتائجها وتوصياتها.



[1]_ انظر المفردات في غريب القرآن للأصفهاني ص40.

[2]_ المفردات في غريب القرآن ص40.

[3]_ انظر لسان العرب 15/251.

[4]_ الخصائص 1/87

[5]_ علم اللغة د. حاتم الضامن ص32.

[6]_ علم الدلالة لأحمد مختار ص5 وانظر الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية د. هادي الشجيري ص56_77.

اشترك في آخر تحديثات المقالات عبر البريد الإلكتروني:

0 الرد على "ما بين فقه اللغة وعلم اللغة: أهدافهما وغاياتهما"

إرسال تعليق

إعلان أسفل عنوان المشاركة

إعلان وسط المشاركات 1

إعلان وسط المشاركات اسفل قليلا 2

إعلان أسفل المشاركات