المكــــــــــــــون: المؤلفات (في الطفولة): الرؤية السردية واللغة والأسلوب
المكــــــــــــــون:
المؤلفات (في الطفولة): الرؤية السردية واللغة والأسلوب
الرؤية السردية في الرواية:
تقوم هذه الرواية على فن السيرة وخاصية التذكر
والاسترجاع كما تنبني على المنظور السردي الداخلي، أي تستعمل الرؤية مع من خلال تشغيل
ضمير المتكلم . وهنا يتساوى الراوي والشخصية الرئيسية في المعرفة . ويعني هذا أن
السارد يعرف في نفس الوقت ما يعرفه البطل الرئيس في الرواية. ومن هنا تتخذ الرواية
طابعا منولوجيا قائما على المناجاة والحوار الداخلي والسرد الذاتي والمشاركة الداخلية
في إنجاز الأحداث. والمقصود بهذه المشاركة أن الراوي يشارك الشخصية المحورية في
إنجاز الوظائف السردية الأساسية و تحقيقها على مستوى البرنامج السردي سطحا وعمقا. ومن
أهم مميزات هذا المنظور أن السارد ينقل الأحداث من زاوية شخصية ذاتية و يحرك
الشخصيات الأخرى عبر منظوره الخاص بواسطة التعليق والتقويم وإصدار الأحكام. ومن
هنا تتحول الرؤية الشخصية الداخلية الذاتية إلى رؤى موضوعية كاستخدام الرؤية من
الخلف أو الرؤية من الخارج. ومفهوم هذا أن الكاتب قد يشغل ضمير المتكلم في نقل
الأحداث، ثم يسخر هذا الضمير ليستعين بالضمائر الأخرى لنقل ما تعرفه الشخصيات
الأخرى. ومن الوظائف التي يعرف بها السارد داخل هذه الرواية مهمة السرد والتعبير و
التأثير والتبليغ و الأدلجة والتشويق الفني والتصوير الأسلوبي والتوثيق الموضوعي
والتخييل. وتعتمد الرواية أيضا على الترتيب الزمني الكرونولوجي انطلاقا من الحاضر(
الطفولة في مانشستر) نحو المستقبل( السفر حيال القاهرة)، والدليل على هذا الترتيب
الزمني التعاقبي انطلاق الرواية من فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى إلى سفر
الكاتب إلى مصر سنة 1937م . كما أن الأحداث تسير منطقيا على غرار التعاقب الزمني.
لكن يلاحظ أن الرواية عبارة عن وحدات سردية وقصصية مستقلة بنفسها مفككة دلاليا
وهيكليا ؛ مما جعل بنية التسلسل الحدثي المنطقي تخضع لنوع من الهلهلة السببية نظرا
لانعدام الاتساق والانسجام والنسيج الترابطي .كما أن إيقاع الرواية يخضع تارة
للتسريع الناتج عن الحذف الزمني والتلخيص الحدثي، ومرة أخرى يخضع الإيقاع للبطء
الناتج عن الوقفات الوصفية الكثيرة والمشاهد الدرامية. وعلى الرغم من التعاقبية
الزمنية على مستوى تطور إيقاع الرواية فإن النص في الحقيقة يقوم على الاسترجاع
والاستذكار أو ما يسمى بفلاش باك مع تشغيل الزمن الهابط الذي ينطلق من الحاضر نحو
الماضي، وهذا على مستوى السياق الزمني الخارجي وليس على مستوى سياق الزمن الداخلي
لكيلا نسقط في تناقض مثير للمفارقة والجدل.
اللغة و الأسلوب في الرواية
ويهيمن على النص أسلوب السرد أو الأسلوب غير المباشر؛
لأن الكاتب يستعرض الأحداث بطريقة كلاسيكية منولوجية، ويستقرئ التاريخ والذاكرة
الاسترجاعية، لذا يقل الحوار والمنولوج مع غياب الهيمنة السردية للشخصيات الأخرى .
أما اللغة فهي لغة واضحة بسيطة موحية ومعبرة تتسم بالواقعية ونبض الحياة وخاصية
التوثيق والتصوير الشاعري تارة والتشخيص الواقعي التسجيلي تارة أخرى. وتتعاقب في
الرواية الجمل البسيطة والمركبة إيجازا وإسهابا، وتكثر الجمل الفعلية الدالة على
الحركية والتوتر الدرامي الذي يتجسد في دينامية الأفعال التي كانت تتأرجح بين
الأفعال الماضية والمضارعة التي تؤشر بدورها على ثنائية الماضي والحاضر. هذا،
وتحيل الرواية على واقع المغرب في ظل الاستعمار الأجنبي والحماية الدولية الغربية
، وما كان يكابده المغرب من جوع وفقر وجهل وتخلف و وتصوير ما كان يعرفه من تخلف و
ضياع وتقهقر حضاري وثقافي وتراجع في بنيته التعليمية والتربوية. وتشير الرواية
كذلك إلى فترة الحرب العالمية الأولى والأزمة الاقتصادية العالمية وما سببته من
إفلاس اقتصادي ومالي وظهور الحركة الوطنية وطبقة المثقفين المتنورين الذين كانوا
يحملون مشعل النضال والتنوير والصمود في وجه المعتدي المتغطرس.
نقدر ونثمن مجهوداتكم المتواصلة أستاذي الكريم
ردحذفأنار الله طريقكم أستاذي الجليل، منكم نستفيد، وما هذا العمل إلا بتشجيعكم الدائم والمتواصل.
ردحذف